التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تجربة صديقي:

في أعماق الروح، تكمن قصة صديقي الذي لم يتناول السجائر قبل أن يصبح موظفا. رحلته كانت مميزة وغير تقليدية، فقد اكتشف نفسه في عالم جديد عبر التواصل مع الآخرين بواسطة سجائره. فكرة غريبة قد تبدو للبعض، لكنها كانت وسيلة له للاستجابة لأحاسيسه وانغماسه في بيئة جديدة. إذ يعتبر العمل مثل منزل ثان بالنسبة للكثير منا، فإن صديقي اختار استخدام التدخين كأسلوب لكسر حاجز الغرباء وإقامة علاقات. اعتاد أن يذهب إلى "الزاوية المخصصة" في أوقات الاستراحة خارج المكتب؛ حيث يشارك هو والآخرون في نشاط مشترك يحقق رغباتهم المتشابهة. هنا، تجتمع الأفكار والأحلام ويتشكلون الروابط الاجتماعية. وفي رحلة التدخين المستمرة لسنوات، قام بزيارة مناطق جديدة، اكتشف نكهات غير مألوفة، وصادق أشخاصا جدد. تحول عالم العمل إلى ساحة استثنائية حافلة بالمواقف اللافتة والذكريات التي لا تنسى. فقد أظهر لصديقي بأن التعرف على الآخرين والاندماج في مجتمع مختلف يضاف إلى قائمة الإنجازات التي يستحق أن يعتز بها. ولكن مثل كل قصة جميلة، هذه الروحانية البارزة لبضع سطور لها نهاية حزينة. فصديقي أصبـــــــــح شغيل حسابات إيرادات عظيم في حياته. ...

صور الهواتف العمومية: رحلة ذكريات مؤثرة من أيام الماضي

في زمن بعيد، كانت الهواتف العمومية في حلب هي المصدر الوحيد للاتصال عندما يكون الجميع بعيدين عن بيوتهم. كانت تقف وحيدة في ركن الشارع، تغرس أرضا بأصابعها المطوية وتنظر إلى أولئك الذين يأخذون فائض القروش من جيوبهم لإجراء مكالمة هاتفية سريعة.

كان صوت رنين السماعة هو نغمة التقارب والفصل، يستحيل لأحدهم ألا يسمع ذلك. لذا، عند سماع ذلك الصوت المألوف، كان لزاما وضع قطعة نقدية في فجيرة الهاتف لإتاحة فرصة التحدث.

الروابط التي شاركها استاذ عبد الله المهيري في تدوينته أثارت في ذكرى مؤلمة من أجل تلك الأزمان المضى. صور الهواتف العامة في أمريكا أعادت لي الذكريات المؤلمة لهواتفنا العامة التي كانت تنتشر في حلب خلال منتصف التسعينيات.

قبل ذلك الحين، كان هناك عدة هواتف مجتمعة بالقرب من مكاتب البريد. كان يمكن رؤية الأشخاص وهم يجرون أجورهم قبل أن يضغطوا على الأزرار ويلتقطوا سماعة الهاتف. كان صوت دقات الماء يشق طريقه من خلال خطوط الهاتف، فإذا به يصل إلى مستخدم الهاتف في نصف دقيقة، في حال كان محظوظا بالطبع.

ثم جاء مستثمرو المدينة. وصول هؤلاء المستثمرين غير حسابي إلى حلب أحدث تغيرا جذريا في حالة هواتفنا. فجأة، اختفى الضجيج المألوف لدى استخدام هذه الأجهزة. تحولت المظهرية وطرح جديد من الهواتف العمومية. أصبحت مشرقة ونظيفة، بدلا من أن تكون مليئة بالأوساخ والجدران المغطاة بالإعلانات الممزقة.

ولكن ربما كان هذا التحديث للأفضل. فقد اختفى صوت دقات الماء، وحل محله صوت اتصال سريع وواضح. بدلا من الانتظار لدقائق طويلة للحصول على اتصال، كان يمكن لأي شخص الآن التحدث في ثوان قليلة. هذه التكنولوجيا الجديدة جعلت حياتنا أسهل، حتى إذا كانت ذكرى تجارب الهواتف العامة قاسية.

أغرب شيء في هذه الروابط هو أنها أعادت لي الذكرى لأزمان خلاص قطعة نقدية في فجيرة الهاتف. تمثل هذا التحديث في نهاية رسمية لذكرى مؤسفة من حياتنا.

لذا فلنحتفظ بالصور الجميلة والمؤثرة للهواتف العامة في أمريكا، ولنتذكر دائما كيف أصبحت حياتنا أسهل بفضل التطور التكنولوجي. على الرغم من قسوة الماضي، نحن محظوظون بأن لدينا وسائل اتصال حديثة تجعل حياتنا أكثر سلاسة وارتباطا.

في هذه الأزمان، عندما يضع الجميع قطعة نقدية في فجيرة الهاتف، سأشعر بالامتنان لتقدم الزمان والابتكار.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صراعات الهوية الشخصية: رحلة التشكك في أنماطنا والبحث عن الجوهر المفقود

قد يبدو الأمر صعبا، ولكن اسمح لي أولا أن أقول إن الأجوبة الثابتة قليلة في هذه الحياة. نعم، قد تخطر في بالك بعض التصنيفات المتاحة، لكن من المهم فهم أن الأشخاص ليسوا مجرد مجسدين لأنماط ثابتة. نحن كبرادي - حوامو الأذواق والشخصيات - نتغير باستمرار. في سعينا لفهم طفلك وتشجيع نموه، يجب علينا التغافل على فكرة التصانيف والأطية. هذه الظروف المضادة تشكل جزءا من طبيعتنا المعقدة. نعود بالزمان إلى تاريخ الإغراظية والإسقاء، حيث كانت التقسيمات شائعة جدا. يلاحظ في ذلك الزمان كيف كانت التصنيفات المختلفة تعطي أهمية جوهرية للأشخاص والشخصيات. ولكن، ما الذي يمكن أن نقوله عن الأمهات والآباء في العصر الحديث؟ هل يجب أن نظل مقيدين في قوارير من التصنيفات المحدودة؟ هل يمكن لأم تعبر عتبة تجاربها وحاضرها ألا تستطيع إلا أن تكون جوهرا واحدا ثابتا؟ بالطبع لا. إذا، كيف يمكن للآباء العثور على طرق فعالة للتفاعل مع أطفالهم المتغيرين باستمرار؟ ربما هو السؤال الأكثر إيلاما وغزوة. ربما حان الوقت لإغلاق كتاب التصنيفات والشروع في رحلة استكشافية دافئة وودية. أحدهم قد يسأل: "كيف أتعامل مع طفلي الذي يتصرف بشكل مختلف كل ...

قصة كينت برانتلي ونانسي ريتبول ومعركتهم ضد فيروس إيبولا

. إنها حقيقة مؤلمة تتجلى في الأحداث والمواقف التي نشهدها يوما بعد يوم. أصبح العالم مكانا صعبا، والحياة تحمل الكثير من التحديات والصراعات. لذلك، فإن الأهمية الكبرى تكمن في أن نظل على اطلاع دائم بكل ما يجري حولنا، لكي نتخذ القرارات المناسبة ونستطيع حماية أنفسنا وأطفالنا. في أوائل يوليو ٢٠١٤م، تعرض كينت برانتلي ونانسي ريتبول، اثنان من أبرز علماء الطب الأمريكيين، لإصابة خطيرة بڤايروس إيبولا خلال تأديتهم مهام طبية في غرب أفريقيا. هؤلاء الأشخاص كانوا في رحلة بحث هامة حول هذا الفirus المدمر. استدعت الولايات المتحدة طائرة إخلاء طبي لنقلهم إلى الوطن، تحت إشراف الرئيس أوباما في ذلك الوقت، ليحصلا على العلاج في أسرع وقت ممكن. كان هذا بمثابة تقدير رسمي لجهودهم المهنية والإنسانية التي بذلوها. ومع ذلك، فإن قدر هؤلاء الأبطال لم يكن يروج لصالحهم. فبدلا من التفاني والشجاعة التي قدموها في وجه الخطر، تصدى بعض وسائل الإعلام لأفكار سوداوية، تروج لخطورة انتشار فيروس إيبولا في أميركا. في صباح اليوم التالي، شغل عناوين الصحف على نطاق واسع: "إيبولا يجتاح أميركا!" هذه المقولة استثارت خوفا كبيرا في ق...

كيف يمكن للأهل أن يشجعوا الإبداع في أبنائهم خارج البيئة المدرسية؟

تعتبر المدرسة من أهم المؤسسات التي تشكل حياة الأطفال وتؤثر في تطويرهم وتعليمهم، لكن هل فكرنا يوما في أن المدرسة ربما تحد من إبداعهم؟ نعم، هذه حقيقة صادمة قد لا يشعر بها الكثير من الآباء والأمهات. إن المدرسة ليست مجرد مكان لتعلم المعرفة والحصول على شهادات، بل هي نظام منظم يستخدم طرقا تقليدية قديمة في نقل المعلومات. إذ تأخذ المدارس نفس النهج في التعليم مع جيل بعد جيل، دون الابتكار أو التغيير. الصناعة التي تحكم في كل شيء أثرت بشكل كبير على النظام التعليمي. فقد صـــــــــغت المدارس بغية إعطاء المزيد من الأفضلية للاطفال الذين يتقنون حفظ المعلومات وحل التمارين بدقة. ففي عصر الصناعة، كان من الضروري أن يتمتع الأشخاص بالقدرة على اتباع الأوامر والقواعد بدقة. وهكذا، نشأ نظام تعليمي مصمم لإطاعة وإخضاع الطلاب دون أي تفكير أو إبداع. فلا يســـــــــمح للطلاب بالتفكير خارج إطارات المقررات الدراسية المحددة، ولا يشجع على طرح أسئلة جديدة أو التشجيع على ابتكار شيء جديد. ولكن هل هذا يضمرو قسرة المدارس في رغبة حقيقية لإخضاع الطلاب؟ ربما لا، فالأهمية كانت في تحضير جيل من الأفراد المستهلكين والذين يستطيعو...