«لماذا لا تكتب لنفسك فقط؟»
جملة أسمعها منذ عشر سنوات في مسيرتي الكتابية. أختار مقابلها أن أكتب للجميع ما أكتبه حقيقة لنفسي، عندما أعاتبهم بمزاح.. فإنني أوبخ نفسي، وعندما أشارك معلومة فإنني بطريقة ما أذكر بها نفسي.
أختار ما أختار لنفسي وأشارك به الآخرين، لأن لا حياة في جنة دون آخرين. لا أحب نبرة الفردانية. وأحارب دوما فكرة أن الإنسان يجب أن يختار كل شيء في حياته لأجل نفسه فقط. نحن لا نعيش وحدنا، ولا قيمة للنجاح عندما يكون لنا وحدنا، ولا قيمة للحياة كلها على بعضها إن لم تكن المشاركة قيمة أصيلة.
قبل سنوات من الآن، وجدت نفسي أمام تحدي جديد. كانت الأمومة تنتظرني، وكأن الزمان قد حان لأعطي من نفسي أكثر مما يعطى للجميع. وجدت نفسي في مشهد غريب، حائرة بين رغبات الذات والواجبات الأخلاقية.
كان هذا التحدي ملحوظا بشكل خاص عندما اخترت أن أكون صوتا يستطيع التأثير في حياة الآخرين، في حياة الآباء والأمهات. فالآباء هم المسؤولون عن تربية الأجيال القادمة، هم من يشكلون شخصية طفلهم ويرافقونه في رحلته نحو تحقيق ذاته. فكان على عاتقي مسؤولية جليلة لإضافة قيمة إلى حضورهم.
ولكن كيف يمكنني أن أكون مصدر إلهام للآباء والأمهات دون الانحياز إلى ذاتي؟ كيف يمكنني التواصل بأسلوب احترافي وقابل للفهم وفي نفس الوقت يشعر الجمهور بالارتباط والتعاطف؟
إجابة هذه الأسئلة جاءت من تجربتي الشخصية. عندما تولد طفلي الأول، شعرت بالخوف المستحكم في قلبي. خوفا من ألا أكون قادرة على إرضائه، خوفا من ألا أقدم له كل ما يحتاجه. كان هذا الخوف يغذي فكرة التضحية المطلقة لأجل طفلي، بدافع الحب والحماس.
ولكن مع مرور الزمن، اكتشفت أن التضحية المطلقة لا تخدم سوى صورة سطحية من الأمومة. اكتشفت أن هذه التضحية قد تستغرق نصاب حديثا، لتكون الأم عابرة فقط في حياة طفلها. وهذا ليس هو الصورة التي أردت رؤيتها بنفسي.
بدأت أستجمع شجاعتي، وأخذت خطوات صغيرة نحو تحقيق التوازن بين حب الذات والعطاء للآخرين. قررت ألا أكتب فقط للجمهور، بل أكتب لنفسي أولا وقبل كل شيء.
عندما أشارك تجارب حياتية مع الآخرين، فإنني أذكر بها نفسي. عبر كل كلمة تصل إلى قارئ، يستحضر ذهني صورا من محطات رحلة حضور طفل مولود جديد في حياته. وبهذه الطريقة، يظل قدر المشاركة في تشكيل حضور الآخر هو نصاب دائم يروى به رحيل طفولة ابنته.
فإذا، لم لا نكتب لأجل أنفسنا فقط؟ لم لا نصبح مدافعين عن قيمة الذات وتحقيق الإشباع الذاتي؟ هل من الممكن أن نكون حاضرين بشكل كامل في حياتنا الشخصية وفي حضور الآخرين في آن واحد؟
أجد نفسي أتأمل هذه التساؤلات بشكل دائم. وعلى الرغم من تعقيدها، إلا أنها توجد بها جوانب من الجمال. فعندما يستطيع الإنسان التوافق بين رغباته الشخصية والالتزامات المجتمعية، يولد لديه شعور عظيم بالتوفير. إذ يجد الإشباع في كلا المجالين.
فكرة "أختار ما أختاره لنفســـى" هي رسالة من أجل جمهورى ولأجل نفسى. إذ عبر هذه الرؤية، يذكر المستفاد به خطوط تاريخ حضوره، وتجربة مشاركته. يتذكر أن لا حياة في جنة دون آخرين، وأن القيمة الحقيقية للحياة تكمن في المشاركة الأصيلة.
إذا، هل نستطيع تحقيق التوافق بين رغباتنا الشخصية والتزاماتنا المجتمعية؟ نعم، يمكن. فبدلا من اعتبار التضحية المطلقة مفهوما صالحا في كل الأحوال، دعونا نفكر في تضحية موزونة تسمح لنا بتلبية احتياجاتـــــه قبل كل شىء. فالأساس هو ألا نفقد حضور إلى جانب طفلــه.
ولأجل تطوير قدرات ىديرة الأسر التشخيصية وخبراته ىديرة على صعيد إدارة شؤون المودع الذى يثير هذا الروحان بروز شخصية "الروائى" الذى يستهوينا بسرد أحداث ذلك حضور والأمانـــــة التى تتوق لمثل هذا الحضور وإيصال مقاربة رؤية جديدة وتحفيزية لخبراء التنظيم.
أخيرا، دعونا نرسم صورة من المشاركة كقيمة أصيلة في حياتنا. فالأبوة والأمومة ليست مجرد سلطة، بل هي حب وعطاء وتوازن. اكتب لأجل نفسك، واشارك به الآخرين. لأن في المشاركة تكمن قيمتنا الحقيقية كآباء.