تاريخنا المشترك مع الصين قديم وعريق، فهذا البلد العظيم يحتضن ثقافة وتاريخا غنيا يشد انتباه العالم أجمع. لكن هل تفكرون مثلي في أسراره؟ هل تساءلتم عن حقائق مظلمة وجها لوجه مع المستقبل؟ دور "الأخ الكبير" يزداد يوما بعد يوم ولا نستطيع تجاهل ذلك. حان وقت التحدث عن جانب مظلم في تطورات الصين.
ففي عام 2014، بدأت الصين بمشروع رقابة جديد لـ "تحسين السلوك الفردي والاقتصاد" باستخدام نظام رصد اجتماعي جديد، هذا هو "الرصيد الاجتماعى".
إذ بهذه المبادرة، تستهدف الصين من خلالها تطبيق نظام يقيد حرية المواطن ويعرضه لمراقبة مستمرة. بشكل عام، تتحدث الصحف العالمية بكثير من الانتقاد عن هذا النظام، ولكن ماذا نعرف فعلا؟ هل ندرك مدى التأثير الحقيقي لهذا التغيير في حياتنا؟
إذا دعوني أخبركم قصة صديق جديد لدي في الصين. اسمه "تشانغ" وهو رجل أعمال ناجح يدير شركة صغيرة. في ذات يوم، سألته عن رأيه في هذا التغير المفروض من قبل الحزب الشيوعي، فابتسم بحزن وأخذ يروى قصة حياته.
ولد تشانغ في عائلة فقيرة، لكن كان لديه طموح كبير. درس جادا وعمل بجد ليل نهار لتحقيق أحلامه. استطاع أخيرا إطلاق شركته الصغيرة وأصبح لديه أفكار كبيرة تطوع بها في خدمة المجتمع. ولكن، عندما بدأ النظام الجديد بالتطبيق، تغيرت حياته تماما.
أصبح لزاما على تشانغ أن يلتزم بالسلوك المطلوب منه من قبل الحكومة. كل خطوة يخطوها يتعين عليه أن يفكر مرتين في آثارها على رصيده الاجتماعي. نعم، هذا الرصيد هو مفتاح حياته الآن.
إذا، ما هو هذا الرصيد؟ إنه نظام يقيس سلوك المواطن وفقا لأسس محددة، ويضفر بشكل لافت في حسابات المستخدم. إذ سجل تشانغ في بادئ الأمر برصيد جديد جاء نظرا لانخفاظه في درجات اخلاقية سابقة.
الآن، كان تشانغ مضطرا لإثبات نفسه وسط أقرانه وزملائه. حياته الشخصية والمهنية تتداخلان في صراع لا ينتهي. اضطر إلى تقديم التقارير الدورية عن سلوكه وأعماله، كما تأثرت شركته بشكل كبير بسبب هذا النظام.
لا يستطيع تشانغ أن يذوق طعم الحرية مجددا. حرم من قدرته على اتخاذ قرارات حكم على نفسه، فقد أصبح رهينة لإشارات مؤشرات سوداء تحظى بالأولوية في هذا النظام.
أحزنت قصة تشانغ قلبي، فكيف يمكن لواحد من أبطال العصر التكنولوجي أن يفسد جزء من حياته بهذا الشكل؟ مئات آلاف المستثمرين ورواد الأعمال يواجهون نفس المصير. إن روح التجارة والابتكار قد خضعت لإجبار الرصيد.
كلما عقدت اجتماعا مع تشانغ، ازداد حزني وخوفي. لم يكن هذا النظام ببساطة مسألة رقابة، إنه كان غطاء لضغوط سياسية قوية تهدف إلى استئصال التحرر والابتكار.
أعتقد أنه من الضروري على جميع الآباء والأمهات أن يستكشفوا هذه المسألة بجدية. فهل نحن على استعداد لإعادة تقدير قيم الحرية والخصوصية في حياتنا وحياة أبنائنا؟
لا يجب أن تستسلم جيلات المستقبل للقضاء على حقوقهم. علينا أن نثير الوعي والانخراط في مناظرات حول هذه المسألة، وألا نستسلم لقوى الظلام التي تحارب قدرتنا على التفكير بحرية.