في أعماق الروح، تكمن قصة صديقي الذي لم يتناول السجائر قبل أن يصبح موظفا. رحلته كانت مميزة وغير تقليدية، فقد اكتشف نفسه في عالم جديد عبر التواصل مع الآخرين بواسطة سجائره. فكرة غريبة قد تبدو للبعض، لكنها كانت وسيلة له للاستجابة لأحاسيسه وانغماسه في بيئة جديدة. إذ يعتبر العمل مثل منزل ثان بالنسبة للكثير منا، فإن صديقي اختار استخدام التدخين كأسلوب لكسر حاجز الغرباء وإقامة علاقات. اعتاد أن يذهب إلى "الزاوية المخصصة" في أوقات الاستراحة خارج المكتب؛ حيث يشارك هو والآخرون في نشاط مشترك يحقق رغباتهم المتشابهة. هنا، تجتمع الأفكار والأحلام ويتشكلون الروابط الاجتماعية. وفي رحلة التدخين المستمرة لسنوات، قام بزيارة مناطق جديدة، اكتشف نكهات غير مألوفة، وصادق أشخاصا جدد. تحول عالم العمل إلى ساحة استثنائية حافلة بالمواقف اللافتة والذكريات التي لا تنسى. فقد أظهر لصديقي بأن التعرف على الآخرين والاندماج في مجتمع مختلف يضاف إلى قائمة الإنجازات التي يستحق أن يعتز بها. ولكن مثل كل قصة جميلة، هذه الروحانية البارزة لبضع سطور لها نهاية حزينة. فصديقي أصبـــــــــح شغيل حسابات إيرادات عظيم في حياته. ...
سارتر وكامو، اثنان من رموز الأدب الفرنسي في القرن العشرين. صديقان ومؤلفان ذات شغف فائض بالكتابة والتعبير. ومع ذلك، لم تكن علاقتهما خالية من التشوش والصدامات المختلفة التي تجعل هذا التاريخ المشترك بينهما يعطي دروسا لأولئك الذين يسعون لإظهار حبهم للأدب والثقافة. سارتر كان دائما مستاء من نصوص كامو، رغم حبه لصديقه. إذا كان هناك شخص قادر على فهم نفسية كامو بشكل جيد، فسيكون سارتر هو ذلك الشخص. وعلى الرغم من ذلك، تجاهل سارتر قدرات صديقه في الكتابة ونزول إلى أعماق الإنسانية. ربما لأنه يعتقد أن مؤلفات كامو لا تحمل نصائح قيمة للقارئ. كان يروج لفكرة أن الأدب يجب أن يظهر المعاناة والشجار ولا يحتوي على رسائل معينة. بالطبع، اختلف سارتر مع كامو في هذه المسألة. إذا كان مستحيلا تماما فهم التجربة الإنسانية والثقافية التي يستطيع شخص تقديرها من خلال نص معين، فإن كامو استطاع أثبات خلاف ذلك من خلال روائعه المدهشة. ومع ذلك، بدأ سارتر يشك في قدراته الخاصة في تقييم الأعمال الأدبية للآخرين. فقد تعلم سارتر أنه يجب ألا يحكم على كتاب من خلال قراءته وحدها، بل يجب فهم المؤلف وسياق حياته والثقافة التي نشأت فيها ه...