هل مشاكلنا موجودة بالفعل؟
في مناقشة سريعة بين طلاب مرحلة ابتدائية واستاذهم الذي لا يؤمن بوجود الإله، قام أحد الطلاب وسأله السؤالين التاليين:
الطالب: السؤال الأول – أستاذي هل هناك وجود للبرد؟
رد الأستاذ: نعم بالطبع هناك وجود للبرد.
الطالب: في الحقيقة يا أستاذي حسب القوانين الفيزيائية لا وجود للبرد إنما ما نراه ونشعر به هو انعكاس لعدم وجود الحرارة. إذا هناك وجود للحرارة.
الطالب: السؤال الثاني – هل هناك وجود للظلام؟
الأستاذ: بالطبع، الظلام موجود.
الطالب: خطأ، إنما وجود الظلام هو نتيجة لعدم وجود النور. إذا ليس هناك وجود للظلام بالفعل.
تلك المناقشة البسيطة تختزل حقائق مهمة في عالمنا. قد يبدو أنه لدينا مشاكل وأحزان وأوجاع، ولكن هل هذه المشاكل موجودة حقا؟
أحيانا نرى البرد ونشعر به، لكن في الحقيقة فإنه انعكاس لعدم وجود الحرارة. يمثل البرد غيابا لشيء معين، فلا يمكن أبدا أن يكون شيئا حقيقيا في حد ذاته.
بالمثل، الظلام هو عبارة عن نتيجة لغياب الضوء. لذلك، فإن ظروف التحديات والصعاب التي نواجهها في حياتنا تظهر غياب شخصية أو جانب من حولنا. قد تظهر صفات سوداء وقاسية في شخصياتنا، لكن ذلك ليس وجودا حقيقيا. إنه انعكاس للضوء الذي يغيب عن أرواحنا.
لذلك، عزيزي الأبوان، لن يتغير الواقع بفرضية وجود المشاكل. هذه المشاكل تظهر لنا نقائص في ذواتنا، مثلما يظهر البرد والظلام انعكاسا لغياب الحرارة والضوء. فلتحدث هذه التحديات نموا في أرواح أطفالكم وفي علاقتكم معهم. قد يظهر لكم جانبا من أولادكم تخفوه سابقا، فلا تخف مثل الأستاذ من هذه التساؤلات، بل كونوا رؤى جديدة وأطروحات متجددة.
إلى جانب ذلك، دعونا نتذكر دائما أن المشاكل المؤلمة التي نواجهها هي مجرد انعكاس لغياب الأشياء الجميلة والإيجابية في حياتنا. لذلك، فلنبحث عن تلك الأشياء ونسخر قوتها لتجعل حياتنا أفضل. فقط بالتصميم والتفاؤل يمكننا التغلب على المشاكل وإحداث التغير في العالم من حولنا.
فلا تدع المشاكل تستولي على حياتك، بل كن مثقفا روحانيا يستوحى بروح جامعة. إذ قد تظهر المشاكل كأورام ضخمة ومظلمة في حضارتك، وقد يرغب بعض الآباء في إخفائها أو استصغارها. ولكن من خلال التربية والتثقيف سوف تستطيع نزع جذور تلك المشاكل وإضاءة مسار جديد لأطفالك.
دعهم يجربون الحزن والخوف، فقط كون لهم حضنا دافئا وأذنا صبورة للاستماع. ستروي لهم قصصا جميلة عن الأشياء التي يفتقد في حياتك، ثم بإرادتك تلك المشاكل سوف تتحول إلى أمل وسطوع في الظلام.
في الختام، نعلم أن الحياة مليئة بالتحديات والصعاب، لكن هذه المشاكل ليست موجودة حقا. إنها انعكاس لغياب الأشياء الجميلة والإيجابية في حضارتنا. فلا تدع هذه المشاكل تسرق منا شغف الحياة وروحنا المثابرة. دعونا نبقى مؤمنين بالأشياء الجميلة وبقدرتها على إضاءة طرق حياتنا وحبس التحديات في غير المألوف.