التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تجربة صديقي:

في أعماق الروح، تكمن قصة صديقي الذي لم يتناول السجائر قبل أن يصبح موظفا. رحلته كانت مميزة وغير تقليدية، فقد اكتشف نفسه في عالم جديد عبر التواصل مع الآخرين بواسطة سجائره. فكرة غريبة قد تبدو للبعض، لكنها كانت وسيلة له للاستجابة لأحاسيسه وانغماسه في بيئة جديدة. إذ يعتبر العمل مثل منزل ثان بالنسبة للكثير منا، فإن صديقي اختار استخدام التدخين كأسلوب لكسر حاجز الغرباء وإقامة علاقات. اعتاد أن يذهب إلى "الزاوية المخصصة" في أوقات الاستراحة خارج المكتب؛ حيث يشارك هو والآخرون في نشاط مشترك يحقق رغباتهم المتشابهة. هنا، تجتمع الأفكار والأحلام ويتشكلون الروابط الاجتماعية. وفي رحلة التدخين المستمرة لسنوات، قام بزيارة مناطق جديدة، اكتشف نكهات غير مألوفة، وصادق أشخاصا جدد. تحول عالم العمل إلى ساحة استثنائية حافلة بالمواقف اللافتة والذكريات التي لا تنسى. فقد أظهر لصديقي بأن التعرف على الآخرين والاندماج في مجتمع مختلف يضاف إلى قائمة الإنجازات التي يستحق أن يعتز بها. ولكن مثل كل قصة جميلة، هذه الروحانية البارزة لبضع سطور لها نهاية حزينة. فصديقي أصبـــــــــح شغيل حسابات إيرادات عظيم في حياته. ...

من البنك إلى الورق: قصة تحولي في عالم التعلم الإلكترو-ورقي

كانت طفولتي مليئة بالأوراق والكتب، تمتزج رائحة الحبر المستخدم فيها مع عبير الذكريات. كنت أقضي ساعات طويلة في مكتبة منزلنا، أستعير كتابا تلو الآخر وأغوص في صفحاته حتى يغشى على عقلي التعب.

كان لدي نظرة تشكية تجاه القراءة الإلكترونية، فهي بالنسبة لي مجرد ظاهرة مؤقتة. قد يظن البعض أنه من السهل إقناع دماغ صغير كطفل بأن شيئا جديدا هو أفضل وأسرع، لكن حقيقة الأمر أصعب بكثير.

لا يمكن لروح الورق المشبع بالثقافة أن تشبه بالشاشات المضاءة التي تروج للحداثة. فصفحات الكتاب تسطر رواية خاصة بكل قارئ، تتشابك أحداثها مع خياله وأفكاره.

إلا أنني قررت أخيرا أن أجرب هذه التقنية الجديدة، إقتنيت قارئا إلكترونيا وأحضرت بعض الكتب الإلكترونية. فور انطلاقي في تصفح الصفحات المضاءة، شعرت بالغرابة والبعد عما كنت عليه.

لم تكن طفولتي لافتة للانتباه بسبب حمولات الورق والأقلام فحسب، بل لأجواء التواصل المستمرة مع الكائنات غير المادية. روح الكتب التي تظهر لي على صفحاتها البراقة هشة جدا.

أدخل عالما جديدا يختزل كثير من ذات طفولتي. يجبر دماغي على تغيير نمط التفكير والإدراك. لست أعارض هذا التحول المستجد، ولكن قهري لا يزال متصلا بأيام الورق وأحبائها.

الآن أعترف بأن القراءة الإلكترونية توفر لي إمكانية حمل آلاف الكتب في رصيدي المصرفي. يمكنني تحميل أية كتاب في ثوان معدودة، دون الحاجة إلى البحث عنه في مكتبات شاسعة أو تجارة نادرة.

ما زال صوت الورق يدوخ رأسي حين ألتقط قارئي وأشغله. فهذا الصوت هو صوت التجديد والذكاء، هو صوت حضور كتاب جدد في حياتي. لكن هذا لا يعني أبدا أن عهد التقلب بصفحات الورق قد انقضى نهائيا.

أطفالنا بحاجة إلى تجربة عالم القراءة من جميع جوانبه. فالتوازن بين الورق والشاشة يمكنهم من استكشاف عوالم مختلفة وتوسيع آفاقهم. لذا، أرى أننا يجب ألا نجبر أطفالنا على التعلم بأحد الطرق حصرا، بل نحثهم على الابتكار والاستفادة من التقنية في تعزيز طرق التعلم المألوفة لديهم.

إذا، هيأ لأطفالك جوا محببا للقراءة سواء من خلال الكتب الورقية أو الإلكترونية. قدم لهم كلا الخيارين ودعهم يختارون وفق اهتماماتهم. استغل فرص القصص المصورة على شاشات مضاءة تحسس قدرات طفلك في إحضار صورة حقيقية لأحداث روية.

انعش في دماغ طفلك رغبته في قراءة قصص مثيرة وتحديات جديدة. واجعل من القراءة نشاطا عائليا يجمع بين الأبوين والأطفال، حيث يتشاركون تجاربهم ويستخلاصون قصصا مفيدة.

إذا ما أردت أن يعود الزمان بك إلى أحضان الورق، فأعلم أن التغيير هو جزء لا يتجزأ من حياتنا. احتضن التكنولوجيا والابتكار في عملية التعلم، فهما سلاحك في تحقيق الأفضل لأطفالك وإثراء رصيدهم المعرفي.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صراعات الهوية الشخصية: رحلة التشكك في أنماطنا والبحث عن الجوهر المفقود

قد يبدو الأمر صعبا، ولكن اسمح لي أولا أن أقول إن الأجوبة الثابتة قليلة في هذه الحياة. نعم، قد تخطر في بالك بعض التصنيفات المتاحة، لكن من المهم فهم أن الأشخاص ليسوا مجرد مجسدين لأنماط ثابتة. نحن كبرادي - حوامو الأذواق والشخصيات - نتغير باستمرار. في سعينا لفهم طفلك وتشجيع نموه، يجب علينا التغافل على فكرة التصانيف والأطية. هذه الظروف المضادة تشكل جزءا من طبيعتنا المعقدة. نعود بالزمان إلى تاريخ الإغراظية والإسقاء، حيث كانت التقسيمات شائعة جدا. يلاحظ في ذلك الزمان كيف كانت التصنيفات المختلفة تعطي أهمية جوهرية للأشخاص والشخصيات. ولكن، ما الذي يمكن أن نقوله عن الأمهات والآباء في العصر الحديث؟ هل يجب أن نظل مقيدين في قوارير من التصنيفات المحدودة؟ هل يمكن لأم تعبر عتبة تجاربها وحاضرها ألا تستطيع إلا أن تكون جوهرا واحدا ثابتا؟ بالطبع لا. إذا، كيف يمكن للآباء العثور على طرق فعالة للتفاعل مع أطفالهم المتغيرين باستمرار؟ ربما هو السؤال الأكثر إيلاما وغزوة. ربما حان الوقت لإغلاق كتاب التصنيفات والشروع في رحلة استكشافية دافئة وودية. أحدهم قد يسأل: "كيف أتعامل مع طفلي الذي يتصرف بشكل مختلف كل ...

قصة كينت برانتلي ونانسي ريتبول ومعركتهم ضد فيروس إيبولا

. إنها حقيقة مؤلمة تتجلى في الأحداث والمواقف التي نشهدها يوما بعد يوم. أصبح العالم مكانا صعبا، والحياة تحمل الكثير من التحديات والصراعات. لذلك، فإن الأهمية الكبرى تكمن في أن نظل على اطلاع دائم بكل ما يجري حولنا، لكي نتخذ القرارات المناسبة ونستطيع حماية أنفسنا وأطفالنا. في أوائل يوليو ٢٠١٤م، تعرض كينت برانتلي ونانسي ريتبول، اثنان من أبرز علماء الطب الأمريكيين، لإصابة خطيرة بڤايروس إيبولا خلال تأديتهم مهام طبية في غرب أفريقيا. هؤلاء الأشخاص كانوا في رحلة بحث هامة حول هذا الفirus المدمر. استدعت الولايات المتحدة طائرة إخلاء طبي لنقلهم إلى الوطن، تحت إشراف الرئيس أوباما في ذلك الوقت، ليحصلا على العلاج في أسرع وقت ممكن. كان هذا بمثابة تقدير رسمي لجهودهم المهنية والإنسانية التي بذلوها. ومع ذلك، فإن قدر هؤلاء الأبطال لم يكن يروج لصالحهم. فبدلا من التفاني والشجاعة التي قدموها في وجه الخطر، تصدى بعض وسائل الإعلام لأفكار سوداوية، تروج لخطورة انتشار فيروس إيبولا في أميركا. في صباح اليوم التالي، شغل عناوين الصحف على نطاق واسع: "إيبولا يجتاح أميركا!" هذه المقولة استثارت خوفا كبيرا في ق...

كيف يمكن للأهل أن يشجعوا الإبداع في أبنائهم خارج البيئة المدرسية؟

تعتبر المدرسة من أهم المؤسسات التي تشكل حياة الأطفال وتؤثر في تطويرهم وتعليمهم، لكن هل فكرنا يوما في أن المدرسة ربما تحد من إبداعهم؟ نعم، هذه حقيقة صادمة قد لا يشعر بها الكثير من الآباء والأمهات. إن المدرسة ليست مجرد مكان لتعلم المعرفة والحصول على شهادات، بل هي نظام منظم يستخدم طرقا تقليدية قديمة في نقل المعلومات. إذ تأخذ المدارس نفس النهج في التعليم مع جيل بعد جيل، دون الابتكار أو التغيير. الصناعة التي تحكم في كل شيء أثرت بشكل كبير على النظام التعليمي. فقد صـــــــــغت المدارس بغية إعطاء المزيد من الأفضلية للاطفال الذين يتقنون حفظ المعلومات وحل التمارين بدقة. ففي عصر الصناعة، كان من الضروري أن يتمتع الأشخاص بالقدرة على اتباع الأوامر والقواعد بدقة. وهكذا، نشأ نظام تعليمي مصمم لإطاعة وإخضاع الطلاب دون أي تفكير أو إبداع. فلا يســـــــــمح للطلاب بالتفكير خارج إطارات المقررات الدراسية المحددة، ولا يشجع على طرح أسئلة جديدة أو التشجيع على ابتكار شيء جديد. ولكن هل هذا يضمرو قسرة المدارس في رغبة حقيقية لإخضاع الطلاب؟ ربما لا، فالأهمية كانت في تحضير جيل من الأفراد المستهلكين والذين يستطيعو...