في أعماق الروح، تكمن قصة صديقي الذي لم يتناول السجائر قبل أن يصبح موظفا. رحلته كانت مميزة وغير تقليدية، فقد اكتشف نفسه في عالم جديد عبر التواصل مع الآخرين بواسطة سجائره. فكرة غريبة قد تبدو للبعض، لكنها كانت وسيلة له للاستجابة لأحاسيسه وانغماسه في بيئة جديدة. إذ يعتبر العمل مثل منزل ثان بالنسبة للكثير منا، فإن صديقي اختار استخدام التدخين كأسلوب لكسر حاجز الغرباء وإقامة علاقات. اعتاد أن يذهب إلى "الزاوية المخصصة" في أوقات الاستراحة خارج المكتب؛ حيث يشارك هو والآخرون في نشاط مشترك يحقق رغباتهم المتشابهة. هنا، تجتمع الأفكار والأحلام ويتشكلون الروابط الاجتماعية. وفي رحلة التدخين المستمرة لسنوات، قام بزيارة مناطق جديدة، اكتشف نكهات غير مألوفة، وصادق أشخاصا جدد. تحول عالم العمل إلى ساحة استثنائية حافلة بالمواقف اللافتة والذكريات التي لا تنسى. فقد أظهر لصديقي بأن التعرف على الآخرين والاندماج في مجتمع مختلف يضاف إلى قائمة الإنجازات التي يستحق أن يعتز بها. ولكن مثل كل قصة جميلة، هذه الروحانية البارزة لبضع سطور لها نهاية حزينة. فصديقي أصبـــــــــح شغيل حسابات إيرادات عظيم في حياته. ...
من اللحظة التي يتناسل فيها الإنسان، تتغير حياته وتستعد لاستقبال نسخة جديدة من الجنس البشري. قد تظن أن تلك اللحظة هي بداية رحلة جديدة لمجرد فرصة معرفية لتبادل المعرفة والحب، ولكنها في الواقع بداية مؤلمة لغزو نقيض على حياته. فبائعو التوافه في عصور سابقة كانوا يشترون نفائسا من أجل استمالة جمهورهم وإثارة إعجابهم، إلا أن المزاد قد اختطف في هذا الزمان لصالح شراء تأثير وإعجاب. في زمان كان التبرير مستطيلا من صور سوداء، كان يشجع على استخدام الصور بذات المظهر في الآثار المختلفة، حاملا بهم رسائل خفية أو طقوس حميمية للإنسان. والآن، فإن الصور تشجع بشكل صريح على أن تستخدم كأداة رئيسية في نظام المعرفة والإبهار، وذلك بفضل «فرط المشاركة الأبوية». «فرط المشاركة الأبوية» أصبحت ظاهرة شائعة في مجتمعاتنا الحديثة، حيث يغذيها الوسطاء المتنافسون للاستيلاء على قطع من حقول التأثير والإعجاب. نشأ هذا المصطلح لوصف مشاركة الآباء والأمهات المفرطة لأخبار أطفالهم وصورهم عبر منصات التواصل الاجتماعي. هذا الظاهرة تحتضن قضية أكبر من مجرد حق إخباري، فهي تستخدم كأداة استثنائية لزعزعة خصوصية أطفالنا، وإغلاق دور الآباء في قض...