في أعماق الروح، تكمن قصة صديقي الذي لم يتناول السجائر قبل أن يصبح موظفا. رحلته كانت مميزة وغير تقليدية، فقد اكتشف نفسه في عالم جديد عبر التواصل مع الآخرين بواسطة سجائره. فكرة غريبة قد تبدو للبعض، لكنها كانت وسيلة له للاستجابة لأحاسيسه وانغماسه في بيئة جديدة. إذ يعتبر العمل مثل منزل ثان بالنسبة للكثير منا، فإن صديقي اختار استخدام التدخين كأسلوب لكسر حاجز الغرباء وإقامة علاقات. اعتاد أن يذهب إلى "الزاوية المخصصة" في أوقات الاستراحة خارج المكتب؛ حيث يشارك هو والآخرون في نشاط مشترك يحقق رغباتهم المتشابهة. هنا، تجتمع الأفكار والأحلام ويتشكلون الروابط الاجتماعية. وفي رحلة التدخين المستمرة لسنوات، قام بزيارة مناطق جديدة، اكتشف نكهات غير مألوفة، وصادق أشخاصا جدد. تحول عالم العمل إلى ساحة استثنائية حافلة بالمواقف اللافتة والذكريات التي لا تنسى. فقد أظهر لصديقي بأن التعرف على الآخرين والاندماج في مجتمع مختلف يضاف إلى قائمة الإنجازات التي يستحق أن يعتز بها. ولكن مثل كل قصة جميلة، هذه الروحانية البارزة لبضع سطور لها نهاية حزينة. فصديقي أصبـــــــــح شغيل حسابات إيرادات عظيم في حياته. ...
في شهر مارس عام 2014، نشرت صحيفة الحياة سلسلة لقاءات مع شخص غامض يزعم بأنه كان جهاديا في الماضي، ولكنه تحول إلى جاسوس يعمل لصالح تنظيم القاعدة. تنقلب حياته رأسا على عقب بعد أن انضم إلى التنظيم وتورط في أعمال إرهابية قاسية. روى هذا الشخص، الذي يدعى رمزي، قصته المؤثرة والمثيرة في كتاب إلكتروني يحمل عنوان "القاعدة"، والذي نستعرض في هذا المقال. بدأ رمزي قصته بشغف شديد للانضمام إلى صفوف التنظيم الإرهابي. كان يؤمن بأفكارهم المتطرفة وكان مستعدا للقاء الموت من أجلها. تم تدريبه على أعمال القتل والتجسس، وأرسل في مهام خطيرة حول العالم. ومع كل مهمة ينفذها، تزداد شكوك رمزي في الأهداف التي يسعى التنظيم لتحقيقها. بدأ يشعر بالحيرة والشك، فصار يتساءل عن صحة مبادئ التنظيم وأغراضه الحقيقية. خلال إحدى المهام في باكستان، قابل رمزي شخصا غريبا يدعى أحمد. كان أحمد سابقا منضويا تحت لواء التنظيم نفسه، لكن انشق بعد أن شك في قضية اغتيال غامضة. قص أحمد لروز به عن خطط التنظيم الخفية وفساد قادته. انبثق داخل رمزي نيران الشك، وتولى دور جاسوس يستغل ثقة الجانب المظلم لصالح حفظ الأرواح وإفشاء الحقيقة. أصبح...